وفضلت بعض الشركات والمجموعات الكبرى المتخصصة في مجالات الإنشاء والبناء التفرغ في هذه الإجازة لتعيد ترتيب أوراقها من جديد، والتقاط بعض الأنفاس نتيجة الإجهاد الذي صاحبها طوال العام، وعلى الرغم من الانخفاض العام لمؤشر حركة السوق فإنه لم يكن لها أي أثر في تخفيض الأسعار أو تحريكها مقارنة بما كانت عليه طول الفترة الماضية، كما هدأت إلى حد ملحوظ أداء المكاتب العقارية والحركة العامة للسوق العقارية.
وقال خالد المرزوق الرئيس التنفيذي لشركة الموج العقارية، إن الشهر المبارك يعتبر فترة إغلاق المحافظ الاستثمارية كافة وليست العقارية فقط، حيث غالبا ما يقضي التجار هذه الفترة مع الأهل والعائلة، وإن العمل يقتصر على فلترة المواضيع القديمة ومراجعة وإتمام الصفقات السابقة، إلا أن القطاع بشكل عام يعيش فترة توقف، نظرا إلى أن الفترة الذهبية التي تعتمد عليها السوق العقارية هي فترة النهار وهو أمر يصعب فيه التقاء البائع مع المشتري مما يجعل التواصل بينهم صعبا للغاية.
وزاد: «دورة العقار السنوية في السعودية تبدأ منذ شهر محرم وتستمر حركته حتى دخول الشهر رمضان المبارك، وتبدأ الحركة فيه بالتقلص أو الركود حتى موسم الحج، باستثناء الفترة الارتدادية التي تستمر 15 يوما التي تبدأ منذ منتصف شهر شوال وحتى دخول ذي القعدة»، موضحا أن الحديث هنا عن الصفقات العقارية أو المشاريع الكبيرة يستثنى من ذلك بعض التحركات الصغيرة التي لا تأثر كثيرا في الحركة العامة للسوق أو لا تكون محسوبة على القطاع بشكل مؤثر، لافتاً أن لبدء تطبيق الرسوم دوراً فعالاً إضافياً في هذا الصدد.
واستمر إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني في الانخفاض للأسبوع الخامس على التوالي بنسبة 19.8 في المائة، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 3.4 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات مع نهاية الأسبوع الماضي عند أدنى من مستوى 533 مليون دولار.
وقال عبد الله البراك الذي يدير عدداً من الاستثمارات العقارية، إن القطاع العقاري لا يحتاج لمزيد من الانخفاضات مثل الحاصل الآن في السوق والذي قارب أداؤه على التقلص لما يلامس الـ20 في المائة في الأسبوع الأول من شهر رمضان، وهي نسبة كبيرة في قطاع يعاني أساساً من التقلص في الطلب قبل دخول الشهر المبارك الذي يعرف بأن الحركة فيه تنخفض لمستويات كبيرة، معرجاً بأن الرسوم فرضت نفسها وبقوة رغم عدم صدور اللائحة التنظيمية حتى الآن، لافتاً أن الجميع ينتظر انعكاسها على حال السوق خصوصاً أن الانخفاض هو المتوقع وهو ما يرغب فيه المشترون الذين يمتنعون عن الحركة في هذه الفترة بالتحديد بانتظار ما تفضي به الرسوم.
وأضاف: «جميع القطاعات العقارية بلا استثناء أصابها التقلص، وأن البعض يرى أنها فرصة مناسبة للتريث واختيار العقار المناسب سواء للشراء أو الاستئجار، خصوصا للمشاريع الاستثمارية التي استفادت من هذا الهدوء بالتريث في البحث عن المنشأة المناسبة في ضوء ما يحدث حاليا في السوق»، لافتا إلى أن خيار الاستثمار والعمل في السوق العقارية لا يزال مرتفعا، ولكن تحكمه الفرصة والوقت المناسب بالدرجة الأولى، مستطرداً أن معظم الراغبين في الشراء لا يمكنهم مجاراة الأسعار الحالية للقطاع وهو ما يلقي بظلاله على الحركة العامة أيضاً، لافتاً أن عودة الأسعار إلى طبيعتها ستكون محفزاً كبيراً لعودة القطاع العقاري لسابق عهده، خصوصاً أن الاقتصاد المحلي يعتبر قوياً ومتماسكاً وأن ما يحدث في القطاع العقاري أمر مستغرب.
وانخفض عدد الصفقات العقارية بنسبة قياسية بلغت 31.4 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 1.4 في المائة، ليستقر عند مستوى 4282 صفقة عقارية. وانخفض أيضا عدد العقارات المبيعة بنسبة قياسية وصلت إلى 31.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبوعي الأسبق بنسبة 2.7 في المائة، ليستقر عند 4444 عقارا مبيعا.
وفي شأن متصل كشف علي التميمي صاحب «شركة تميم للإنشاءات العقارية» أن هذا الهدوء الذي يشهده القطاع يحدث بشكل سنوي في هذه الفترة بالذات، وما هو في حقيقة الأمر إلا ركود متعمد للشركات والمؤسسات العقارية لترتيب أوراقها من جديد من أجل إعادة وضع الاستراتيجيات الجديدة، لما يتناسب مع المرحلة المقبلة في وضعها الحديث، خصوصا أن السوق العقارية سوق متقلبة وشركات التطوير العقاري التي ترغب في الاستمرار في السوق عليها أن تراجع أداءها واستراتيجيتها خصوصاً أن فرض الرسوم أعاد عثرة القطاع العقاري من جديد، كما أن هذه الشركات تحتاج في كل فترة إلى إعادة وضع الخطط المناسبة لذلك، من أجل اقتناص الأرباح وإعادة تحقيق الإيرادات وفقا لما يرسم خلال هذه الأيام لسير العمل خلال العام القادم.
ولفت التميمي أن العقار يعيش فترة من الركود صاحبه تأثير محدود على الأسعار إلا أن الشهر الفضيل يزيد من هذا الضمور مما يجعل القطاع يعيش مرحلة أشبه بالإجازة الإجبارية، وحول أكثر القطاعات تأثرا في رمضان أكد أن الهدوء يسود جميع الأفرع إلا أن مبيعات الأراضي هي الأكثر تأثرا، يقابله حركة معقوله تعد متسيدة على باقي الأفرع وهي حركة التنقل بين المنازل المستأجرة وذلك استغلالا لفترة الإجازة التي تقاطعت مع حلول الشهر الفضيل، مضيفاً أن هذا الهدوء لم يؤثر بشكل متوقع على الأسعار بمعنى أن الانخفاض في هذه الفترة متوقف على الأداء العام وليس القيمة، وهو الأمر الذي ظل ثابتاً لفترة طويلة، حيث إن نسبة تباطؤ العمليات لم تؤثر بشكل مباشر على القيمة التي انخفضت حتى الآن بنسب ضئيلة لا ترتقي لحجم نزول الحركة.