الصندوق العقاري والاستدامة المالية ((الاقتصادية))

حفل الأسبوع الماضي بحدثين: ندوة الإسكان في مجلس الشورى، ومؤتمر القطاع المالي. وكان تمويل الإسكان في كلا الحدثين. لكن الوقت لم يتح للمشاركين مناقشة نقاط وتفاصيل كثيرة مهمة.
هنا اخترت نقطتين للحديث عنهما. رسوخ الدعم وهو موضوع مقال اليوم.
من النقاط التي تثار بين وقت وآخر مدى رسوخ الدعم، أي قدرة الصندوق على الاستمرار في تقديم الدعم على مدى عشرات السنين، دون حاجة إلى انتظار المتقدم سنين طويلة وعبر المشرف على الصندوق عن تلك النقطة بالاستدامة المالية. ولمح إليها وزير الإسكان بتعبير الهندسة المالية. وهي تعني باختصار شديد كيفية تطوير وتحسين العمليات المالية. وأيا كانت مضامين المسميات، فهي محكومة بالقانون الاقتصادي الأول: الموارد لها حدود ولكن الرغبات ليس لها حدود. ومن ثم يكون البحث عما يرى أنه الاختيار والتوزيع الأنسب تحت هذا القانون.
انتظار المتقدم سنين طويلة تزيد مع مرور السنين قتل محاسن سياسات وطريقة الصندوق القديمة. تلك الطريقة لا تقبل الاستمرار إلا أن يضخ في الصندوق عشرات المليارات من المالية العامة كل سنة لمدة طويلة جدا.
ماذا بشأن طريقة وسياسات الصندوق الحالية؟ فيها محاسن وعيوب وفيها مشكلة الصندوق السابقة.
من أهم المحاسن أن مبلغ الدعم يوزع على مدة القرض، ما يجعل عدد المستفيدين سنويا أكبر بضع عشرة مرة مقارنة بالطريقة السابقة. وقد لاحظت أن هذه النقطة تخفى على كثيرين. وأما من جهة العيوب فأهمها أنها لا تتيح لفئة كبيرة من ذوي الدخول المنخفضة الحصول على قرض يمكنهم من امتلاك مسكن في مستوى قريب من مستوى كان بإمكانهم تملكه وفق الطريقة السابقة. وأما المشكلة فتتركز في أن قدرتها على الاستمرار في الدعم مع مرور السنين مربوطة بتوافر المال باستمرار.
ما مصدر الأموال التي يدفعها الصندوق حاليا للدعم؟ تتركز حسب علمي في سداد المقترضين سابقا. هذا السداد لا يتجاوز بضعة مليارات سنويا. وبعد كم سنة ستزيد المشكلة، حيث ينتهي تقريبا سداد قروض الصندوق وفق طريقته القديمة. ومن ثم سيزيد حجم المشكلة التي واجهت وتواجه الصندوق.
هل من مخرج دون زيادة أعباء على ميزانية الدولة؟
الجواب نعم، وله مفاتيح وسياسات كثيرة تقبل التطبيق. وأهمها في نظري اثنان: الأول استثمار عقارات مهدرة للدولة. والثاني وضع برنامج ادخار إسكاني.

1 – استثمار عقارات مهدرة للدولة:
مثال: مساحة أرض مطار الملك فهد في الشرقية تزيد على 700 كم2، وعدد مستخدميه قرابة عشرة ملايين مسافر العام الماضي. ومساحة أرض مطار الملك خالد في الرياض تزيد على 200 كم2 وعدد مستخدميه العام الماضي قرابة 25 مليون راكب.
في المقابل مساحة أرض مطار دبي قرابة 12 كم2، وعدد مستخدميه قرابة 90 مليون راكب العام الماضي. والكلام نفسه تقريبا ينطبق على مطارات مشهورة أخرى كهيثرو في لندن.
المبالغة والهدر أيضا في جامعات وأجهزة حكومية كثيرة مقامة على أراض تفوق حاجتها كثيرا، وبعضها على أراض ذات طبيعة تجارية استثمارية قوية، وبعضها بها ارتدادات كبيرة مهدرة خاصة على شوارع تجارية مهمة.

المقترح:
أولا: تطوير معايير لمعالجة المشكلات السابقة.
ثانيا: تطوير بناء استثماري للأراضي والعقارات الحكومية الزائدة على الحاجة. قد يكون هذا البناء جهازا مستقلا أو جزءا من هيئة عقارات الدولة أو صندوق الاستثمارات العامة.
ولا يخفى لزوم اتباع سياسة عالية المهنية ويجب ألا تستخدم الأصول “من أراض وأسهم وغيرها” للدعم، بل يقتصر الدعم من العوائد.

النتيجة:
تحقيق عوائد استثمارية أقدرها بعشرات المليارات سنويا تسهم في توفير دعم تمويلي مستقر راسخ مستدام للإسكان، ودعم بحوثه، دون عبء إضافي على ميزانية الدولة. وستسهم في إمكان الإعفاء عن نسبة من القروض الحسنة. وممكن أيضا من العوائد تخفيف جزء من تكلفة السكن على شكل منحة لذوي الدخول الأقل تصرف بضوابط.

2 – مقترح برنامج ادخار إسكاني:
تحفيز الموظفين حتى الطلاب على الاشتراك بمبلغ شهري سنين عديدة. وتشجع الدولة هذا البرنامج بحوافز ومنح، كما سبق طرحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scan the code