كان من المفترض أن تقلص شركة إيفرجراند الصينية حجم ديونها الهائلة هذا العام، ما جعل قطاع العقارات في البلاد، في أمس الحاجة إلى تقليص مديونياته.
إلا أن زيادة الاقتراض بالدولار قد أثارت قلق المستثمرين، من أن العبء سيزداد بالفعل.
ضاعفت شركات التطوير العقاري المحلية إصدارها لسندات مقومة بالدولار، لتصل إلى 32 مليار دولار منذ بداية العام، وفقا لبيانات من وكالة ديلوجيك، حيث يسعون إلى إعادة تمويل ديون أعلى تكلفة وأقصر أجلا.
رحب بعض المستثمرين بموجة الإصدار هذه، باعتبارها إشارة إلى أن الشركات تركز على سداد سندات أكثر تكلفة بالعملة المحلية، يزيد فيها ضغط سداد الديون بقيمة 267 مليار رنمينبي (39.7 مليار دولار) سيحين أجل استحقاقها هذا العام.
ومع ركود سوق العقارات في الصين، هناك خطر متزايد في أن ينتهي أمر القطاع إلى تحمل ديون لا يمكن السيطرة عليها.
تعد شركة إيفرجراند من أكثر شركات التطوير العقاري المثقلة بالديون في الصين، حيث يبلغ إجمالي ديونها أكثر من 100 مليار دولار، فيما تواجه هذه الصناعة جدارا من الديون المستحقة خلال العامين ونصف العام المقبلة، تتجاوز 300 مليار دولار.
مع تزايد المخاوف الرسمية بشأن نمو الديون غير المستدامة، تعهد عدد من شركات التطوير العقاري بخفض رفعها المالي الإجمالي، بقيادة “إيفرجراند” ورئيسها الملياردير هويكا يان.
خفضت الشركة ديونها بنحو 70 مليار رنمينبي في عام 2018، وتهدف إلى تقليص 80 مليار رينمنبي أخرى هذا العام، وفقا لـ”كريديت سايتس”. انخفضت نسبة إجمالي الديون إلى حقوق المساهمين إلى 219 في المائة في نهاية عام 2018، بعد أن كانت 303 في المائة في العام السابق له، وفقا لشركة ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو.
وقالت آلاء بوشهري، رئيسة قسم ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى شركة بي إن بي باريباز لإدارة الأصول، إن شركتها رأت أن مستويات الرفع المالي لشركة إيفرجراند “ستبقى مستقرة بل ستنخفض” خلال السنوات القليلة المقبلة.
إلا أن الشركة قد أدارات حملة سندات هذا العام بالدولار في آسيا، حيث جمعت 6.6 مليار دولار حتى منتصف نيسان (أبريل) الماضي – أكثر من أي شركة في المنطقة باستثناء اليابان.
يبلغ إجمالي ديونها المقومة بالدولار وديونها المقومة بالرنمينبي ما يزيد قليلا على 100 مليار دولار، وفقا لشركة ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو.
لقد ثبت أن الطلب على سندات الشركة ضعيف في بعض الأحيان، حيث أُجبر هوي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على دعم إصدار سندات تبلغ قيمتها 1.8 مليار دولار بمبلغ مليار دولار من أمواله الخاصة، حتى بعد تقديم زيادة في معدل أسعارالفائدة بنسبة 13.75 في المائة على الأوراق المالية.
الحل الوحيد الاقتراض أكثر
الحل الوحيد أمام صناعة التطوير العقاري في الصين، هو الاستمرار أكثر فأكثر في الاستدانة، سنويا، وفقا لكيفن لاي من شركة دايوا كابيتال ماركتس.
ووفقا لوكالة ديلوجيك، فإن ديون شركة إيفرجراند بالدولار البالغة نحو 18 مليار دولار، تضع ثاني أكبر مطور عقاري في البلاد من حيث المبيعات، في المرتبة الأولى بين أكثر الشركات الخاصة مديونية في العالم.
من بين الشركات غير الحكومية في الأسواق الناشئة، تحتل “إيفرجراند” مرتبة سابع أعلى شركة في العالم لديها ديون دولارية مستحقة.
وقال بول لوكاسفسكي، رئيس قسم الديون في الشركات الآسيوية وأبحاث الائتمان في الأسواق الناشئة لدى شركة أبردين ستاندرد إنفستمنتس: “لا يوجد كثير من الشركات في العالم التي لديها مثل هذا الدين الدولاري المستحق”.
الشركتان المنافستان كونتري جاردن وداليان واندا، وهما ضمن أكبر خمسة شركات تطوير عقاري في الصين، ليستا بعيدتين كثيرا من حيث دينيهما بالدولار، حيث يبلغان 14.7 مليار دولار و13.9 مليار دولار، على التوالي.
لقد بررت شركة إيفرجراند، وشركة كونتري جاردن وغيرهما من شركات التطوير العقاري، رفعهم المالي الكبير بالإشارة إلى حاجتهم إلى التوسع في سوق بدت في كثير من الأحيان، أنها تحظى بطلب غير محدود على المنازل.
بعث المكتب السياسي الصيني، أعلى هيئة في البلاد لاتخاذ القرارات، برسالة قوية هذا الأسبوع مفادها أنه من غير المرجح أن يتم تخفيف ضوابط الإسكان الإقليمي، التي تعيق الطلب.
وقال إن الجهات الرقابية ستركز على كبح المضاربات، التي دعمت نمو سوق العقارات وارتفاع أسعار المنازل خلال العقد الماضي.
يقول المحللون إنه إذا لم تقلص شركات التطوير العقاري مديونياتها في أسرع وقت ممكن، قبل حدوث التراجع الحاد في سوق العقارات، فقد تقع في مأزق دون أي قدرة على مواصلة جمع رأس المال.
تواجه شركات التطوير العقاري الصينية جدارا من الديون المستحقة بقيمة 325 مليار دولار بحلول نهاية عام 2021، ومعظمها ديون مقومة بالرنمينبي.
من المقرر أن تصل آجال استحقاق الديون المقومة بالدولار إلى حدها الأقصى عند 39 مليار دولار في عام 2021، وفقا لوكالة ديلوجيك.
وقال فيليب تشونج المحلل العقاري لدى “مورنينج ستار” إن: “المخاطرة تتمثل في أن شركات التطوير العقاري ذات المديونيات العالية، لا تنتهز هذه الفرصة للتخفيف من ديونها قبل أن تركد السوق” أكثر من ذلك.
من ناحية أخرى، يقول اقتصاديون إن الجمع بين التباطؤ في الصين القارية وتراكم الديون الدولارية، يهدد بأن تنتهي بعض شركات التطوير العقاري بشكل سيئ.
قال كيفن لاي، كبير الاقتصاديين في “دايوا كابيتال ماركتس” في آسيا باستثناء اليابان، إن سداد السندات بالدولار قد يصبح مشكلة، في حالة التدفقات الخارجية النقدية القوية من الصين.
تسيطر بكين بعناية على حساباتها الرأسمالية وتحميها من التدفقات الخارجية، التي تمارس ضغطا نزوليا على الرنمينبي.
التدفقات الداخلة من شركات التطوير العقاري التي تستخدم سندات بالدولار لسداد ديونها المقومة بالرنمينبي، عززت الطلب على عملة البلاد، لذلك تم دعمها من قبل هيئة الرقابة على النقد الأجنبي في الصين.
بيد أن دفع العوائد بل وأصل الدين الخارجي، قد يكون أكثر صعوبة.
قال لاي: “ستواجه شركات التطوير العقاري مشكلة في تحويلها مرة أخرى، لأن ذلك سيمارس كثيرا من الضغط على العملة. الحل الوحيد بالنسبة لها هو الاستمرار في الاقتراض أكثر فأكثر، من خارج البلاد، سنويا. على أنه ليس في الوسع الاستمرار على هذا المنوال إلى الأبد”.