أزمة التعدي على الأملاك
يقول الدكتور السلمي إن «المملكة العربية السعودية تشهد نهضة تنموية شاملة عمت كافة أرجائها، وينتج عن هذه النهضة تغير واضح وشامل في الأوضاع الاقتصادية والنمط الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين. ومن أبرز هذه التغيرات الحركة الكثيفة والمتزايدة في التعاملات التجارية بصفة عامة والعقارية منها بوجه خاص، فكثر التعامل بالعقارات من أراض ومبان، وصاحب ذلك كثير من المشكلات الناتجة عن قصور في إثبات الملكيات ومعرفة حدودها الحقيقية والدقيقة، ما أدى إلى التعدي على أملاك الغير، كما ظهرت كثير من الصعوبات التي لم تستطع الجهات المعنية حل معظمها لعدم وجود نظام مُحْكَم للتسجيل العقاري تُحفظ به الحقوق، وتُحمى به الملكيات الخاصة والعامة».
أساليب التحديث العقاري
يضيف السلمي «لما كانت الثروة العقارية ذات أهمية كبرى في اقتصاد كل بلد، ليس فقط لقيمتها المادية ولكن لأنها العنصر المهم والرئيسي في دعم البناء الاجتماعي والاقتصادي وقاطرة تطويره، حرصت غالبية الدول من أجل حفظ الحقوق وتحقيق الأمن والاستقرار العقاري إلى الأخذ بنظام التسجيل العيني للعقار باعتباره النظام الأحدث والأمثل لبلوغ هذا الهدف».
ويردف: «امتداداً للسعي الجاد والحثيث في سنّ الأنظمة التي تعود بالنفع والخير للفرد والمجتمع وتوضيح الحقوق للكافة والتوثيق الدقيق للعقارات، فقد كان من الطبيعي أن لا تتخلف المملكة عن الركب وأن تتطلع إلى مسايرة التطور الحضاري، واتباع أحدث الأساليب للتسجيل العقاري وتوثيقه. ونظراً لأن مبدأ القوة الثبوتية المطلقة الذي يقضى بأنه إذا اكتسب شخص الملكية أو أي أحد على عقار تأسيسياً على القيود والتأشيرات في السجل العقاري فإن هذه القيود تعتبر دليلا على مشروعية حقه في مواجهة الغير. إضافة إلى جميع التصرفات أو الاتفاقات أو الوقائع المادية أو الانتفاع والارتفاق أو التبعية كحق الرهن العقاري أو نقله أو تغييره. فإنها تظهر أهمية تطوير وتفعيل نظام التسجيل العيني للعقار بالمملكة العربية السعودية على وجه السرعة».
آثار التسجيل العيني
يشير السلمي إلى أنه نظرا لمزايا نظام التسجيل العيني وآثاره الإيجابية على المسح الفني الدقيق للعقارات وتحديد مساحاتها وضبط حدودها وأبعادها وإحداثياتها بما يؤدي إلى معرفة مواقعها الأصلية ولو زالت معالمها الوقتية، فإن ذلك يقضي على تداخلات الأراضي والصكوك والمنازعات التي تنشأ حولها، وتُحدد الحالة الشرعية لكل عقار ببيان ملكيته وما يقع عليه من حقوق والتزامات، وأصحاب هذه الحقوق، ومن تقررت لصالحهم تلك الالتزامات ومختلف التصرفات الأخرى التي ترتبط بصحيفة هذا العقار، بحيث يتيح للمتعاملين عليه معرفة الواقع الفعلي والمادي له ويبين التصرفات والحقوق والقيود الواردة عليه وكل ما من شأنه تبديل أو تعديل أو تغيير أو إنشاء الحقوق المختلفة الجارية عليه، ويحقق ذلك مصلحة الملاك وأصحاب الحقوق العقارية في حماية حقوقهم والاحتجاج بها فيما بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير. ويلفت إلى أن ذلك يوفر الحماية للمتعاملين على العقارات والاستقرار المنشود للملكية والأمن العقاري، بما يتيح للملكية العقارية استثماراً مثمراً يعود بالنفع العام على اقتصاد الوطن في جوَّ من الثقة والطمأنينة، وتنتهي النزاعات والخصومات المتعلقة بالحقوق والملكيات وتعدد صكوك العقارات المعٌطِلة للاستثمار العقاري وحل مشكلة الإسكان ويخف عن القضاء عبء النظر في قضاياها.
مناطق التسجيل العيني
يبين السلمي أن تطبيق نظام التسجيل العيني للعقار في المملكة يجري في عدة مناطق عقارية في محافظة حريملاء ومحافظة جدة ومدن الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة. ويلفت إلى أن الواقع يشير إلى أن تجربة تطبيق هذا النظام في المملكة تمضي ببطء ملحوظ، ولم تنطلق بالسرعة المنشودة لوجود بعض المعوقات ولأسباب مختلفة.
منهج رؤية 2030
يؤكد السلمي أن المملكة العربية السعودية اتخذت «رؤية 2030» لتكون منهجاً وخارطة طريق للعمل الاقتصادي والتنموي، وقد رسمت الرؤية التوجيهات العامة للمملكة، والأهداف والالتزامات الخاصة بها ليكون الوطن نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، واطلعت المملكة برنامج التحول الوطني كأحد البرامج الرئيسية لتحقيق رؤية المملكة 2030 ومن ضمن الأهداف الاستراتيجية دعم برامج التحول الرقمي بالإضافة إلى أتمتة الإجراءات وتعزيز المنظومة والأمن العقاري. ويضيف: «بالنظر إلى أن التسجيل العقاري يعد أحد أهم الجوانب التي تقاس عليها كفاءة الأنظمة الحكومية من قبل البنك الدولي، حيث يدخل هذا الجانب ضمن تسهيل ممارسة الأعمال كما أن تعزيز منظومة التوثيق يعتبر من العوامل الجاذبة لقطاع الأعمال، فقد صار الانطلاق نحو آفاق رحبة لتفعيل النظام في خدمة اقتصاد وطننا الغالي وتماشياً مع إطلاق برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 بما يحقق التطلعات في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه وبما يؤدي إلى ارتقاء مستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمستثمر والمقيم وصولاً إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة بتحقيق التميز في العقار واستثماره.
عوامل تطوير النظام
يضيف السلمي «من هذا المنطلق، فإن رؤية تطوير نظام التسجيل العيني للعقار وتفعيل تطبيقه على العقارات في المملكة العربية السعودية، يقوم على ضرورة إسناد مشروع التسجيل العيني إلى جهة واحدة مالكة للمشروع تتمتع بالخبرات الكافية في المجال العقاري، ويتوفر لها الميزانية الملائمة والإمكانات المادية والبشرية اللازمة للتنفيذ وصلاحية الاستعانة بالقطاع الخاص خاصة في الأعمال الفنية المساحية بالتنسيق مع الأمانات لحصر وتحديد الوحدات العقارية وإعداد الخرائط وتقنية المعلومات وفق خطة استراتيجية شاملة يتم تنفيذها من خلال برامج تنفيذية محدودة المدد الزمنية لتطبيق النظام في كافة مناطق المملكة»، مبينا أن هناك خطة مرسومة مسبقاً مع خارطة لتطبيق وتفعيل نظام التسجيل العيني للعقار في جميع مناطق المملكة في مدة محددة من 3 إلى 6 سنوات قابلة للتنفيذ. ويوصي السلمي بضرورة تطوير النظام وتفعيله لإدخال تعديلات جوهرية على مواده ولائحته التنفيذية والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بإتاحة بيانات الملكية لديها للهيئة مالكة المشروع، إلى جانب إعادة النظر في قيمة المقابل المالي لأعمال التسجيل العيني مع تنفيذ نظام إلكتروني خاص بنظام التسجيل العيني للعقار يحقق الربط الآلي بين الجهات ذات العلاقة وأذرع تنفيذ إجراءات وأعمال القيد التابعة للهيئة مالكة المشروع.
التوصيات المنهجية
إسناد مشروع التسجيل العيني إلى جهة واحدة مالكة للمشروع تتمتع بالخبرات الكافية في المجال
توفير الميزانية الملائمة والإمكانات المادية والبشرية اللازمة للتنفيذ
يناط للهيئة صلاحية الاستعانة بالقطاع الخاص خاصة في الأعمال الفنية المساحية بالتنسيق مع الأمانات
تطوير النظام وتفعيله لإدخال تعديلات جوهرية على مواده ولائحته التنفيذية والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة
إتاحة بيانات الملكية لديها للهيئة مالكة المشروع
إعادة النظر في قيمة المقابل المالي لأعمال التسجيل العيني
تنفيذ نظام إلكتروني خاص بنظام التسجيل العيني للعقار يحقق الربط الآلي بين الجهات وأذرع تنفيذ إجراءات وأعمال القيد التابعة للهيئة مالكة المشروع
مناطق سعودية تطبق نظام التسجيل العيني للعقار
محافظة حريملاء
جدة
الرياض
مكة المكرمة